بين الوظيفة والدراسة: كيف نظّمت وقتي وأكملت دبلومي من البيت؟

لو رجع بي الزمن قبل سنتين وسألتني: هل ممكن تشتغل دوام كامل وتدرس دبلوم في نفس الوقت؟ كنت راح أضحك وأقول مستحيل. لكن اليوم، وأنا أكتب هذه السطور، أقدر أقول بكل ثقة: نعم، فعلتها. من بيتي، بدون ما أترك شغلي، وبأقل التكاليف. كيف؟ هنا الحكاية كاملة.

البداية: شعور بالنقص ورغبة بالتطور

كنت أشتغل في وظيفة إدارية في شركة متوسطة. الدوام طويل، الروتين قاتل، والفرص محدودة. كل مرة أقدم على ترقية، يسبقني أحد معه مؤهل أعلى أو مهارات أكثر. وقتها بدأت أسأل نفسي: إلى متى وأنا في نفس المكان؟ ليش ما أطور من نفسي؟

الفكرة بدأت بسيطة: أدرس دبلوم في مجالي وأعزز سيرتي الذاتية. بس الفكرة الحلوة ما تكفي، لازم تنفيذ. وكان التحدي الكبير: الوقت.

اكتشافي للتعليم الإلكتروني

ما كان عندي أي استعداد أداوم جامعة أو معهد. ما أقدر أضحي بوظيفتي، ولا عندي وقت أضيع في الزحام أو التفرغ الكامل. وكنت أسمع كثير عن التعليم عن بُعد، لكن ما أخذته بجدية.

جلست فترة أبحث، وقريت تجارب ناس كثيرين، وبدأت تتضح لي الصورة. فيه برامج دبلوم إلكترونية، معتمدة، وتُقدَّم عن بعد، وبعضها بمرونة كبيرة. وهنا بدأت الرحلة الحقيقية.

التحدي الأكبر: تنظيم الوقت

أول أسبوع من الدراسة كان صدمة. حسيت إني ورطت نفسي. الدوام يأخذ 9 ساعات من يومي، والبيت له احتياجاته، وفوق هذا كله عندي محاضرات ومهام لازم أتابعها.

كنت أرجع من الشغل تعبان، بالكاد أفتح اللابتوب، وعيوني ترفض تكمل. بعد كم يوم من الفوضى، قلت لنفسي: إما أن أنسحب، أو أغيّر أسلوبي بالكامل.

خطتي لترويض الوقت

  1. بدأت أتعامل مع وقتي كأنه “ميزانية”. مثل الفلوس، إذا ما عرفت وين تروح، راح تضيع. وسويت التالي:
  2. قسمت يومي إلى ثلاث فترات: وقت العمل، وقت الراحة، وقت الدراسة
  3. حددت أيام معينة للدراسة فقط: ثلاث أيام بالأسبوع، ساعتين بعد العشاء
  4. استخدمت تطبيق بسيط لجدولة المهام، عشان ما أنسى أي تسليم
  5. قلّلت وقت الجوال والتصفح العشوائي، وخصصت نص ساعة فقط للسوشيال ميديا يوميًا
  6. عطيت نفسي وقت راحة بين كل جلسة دراسة والثانية
  7. ما كان التنفيذ مثالي بالبداية، بس مع الوقت صار أسهل، وصار جسمي وعقلي يتعود على الروتين.

التعامل مع الإرهاق

خليني أكون صريح: ما كان الموضوع وردي. فيه أيام تعبت جدًا، وانضغطت نفسيًا، وكنت على وشك أوقف كل شيء. خاصة لما تكون عندك مهام في الشغل وفي نفس الوقت تسليم مشروع دراسي.

بس كل ما حسيت بالإرهاق، أرجع أتذكر ليش بدأت. كنت أقول لنفسي: هذا تعب مؤقت، بس النتيجة راح تستمر طول عمرك.

صرت أوزع المهام الكبيرة على أيام بدل ما أأجلها ليوم واحد. مثلاً، لو عندي بحث مطلوب خلال أسبوع، أبدأ أشتغل عليه من بدري، أخصص له عشرين دقيقة كل يوم، بدل ما أضطر أشتغل عليه 5 ساعات متواصلة.

الدراسة من البيت: نعمة لو عرفت تستغلها
في البداية، كنت متردد من فكرة الدراسة من البيت. أحس ما فيها جدية. بس اكتشفت إنها تعتمد على الشخص نفسه.

الدراسة من البيت وفرت عليّ الوقت والمال والجهد. ما في تنقل، ما في ملابس رسمية، ما في طوابير. أفتح اللابتوب، أدخل المحاضرة، أتعلم براحة، وكل شيء موثّق وسهل الوصول.

بس عشان تنجح من البيت، لازم تكون صارم مع نفسك. لازم تخصص مكان للدراسة، بعيد عن السرير والتلفزيون. ولازم يكون عندك روتين ثابت، كأنك تروح معهد حقيقي.

الدعم مهم… لكن لا تعتمد عليه

كنت أقول يمكن أحد يساعدني، يمكن الشركة تدعمني، يمكن أهلي يشجعوني… بس اكتشفت إن ما أحد بيهتم بطموحك أكثر منك.

أكيد وجود شخص يشجعك يفرق، بس لا تنتظر الدعم. حمس نفسك بنفسك. وثق إن إنجازك راح يكون مصدر إلهام للي حولك، حتى لو بالبداية ما حسّوا بقيمته.

بعد التخرج: الفرق الحقيقي

بعد 9 أشهر من الدراسة، خلصت البرنامج، واستلمت شهادة الدبلوم. كان شعور الفخر لا يوصف. بس الأجمل من الشهادة، هو التغيير اللي صار في شخصيتي.

صرت أتكلم بثقة عن مجالي. سرت أطرح أفكار جديدة في الاجتماعات. ولما قدمت على فرصة ترقية، كان عندي شيء أضيفه في المقابلة غير سنوات الخبرة.

وصار عندي هدف جديد: أكمل تعلم، ولو بشيء بسيط كل أسبوع.

تجربتي بكلمة

التجربة كانت مزيج بين الإرهاق والإلهام. بين التعب والنتائج. ما كانت سهلة، بس كانت تستحق. تعلمت فيها أشياء كثيرة عن نفسي: إن الوقت ممكن تسيطر عليه، وإن التعليم ما له عمر، وإن الإرادة تصنع الفارق.

رسالة لكل موظف أو موظفة يفكر يدرس

إذا كنت تفكر تكمل تعليمك، سواء دبلوم أو مهارات أو حتى دورة بسيطة، لا تتردد. بس لا تبدأ بعشوائية.

احسب وقتك. حدد هدفك. وابدأ بخطوة صغيرة.

تذكر، مو لازم توقف شغلك عشان تطور نفسك. مو لازم يكون عندك وقت فراغ كبير. أحيانًا، كل اللي تحتاجه ساعتين من يومك، والتزام داخلي قوي.

الخلاصة

بين الوظيفة والدراسة، كثير يعتقد إن الجمع مستحيل. لكن تجربتي تقول العكس. بالعزيمة والتنظيم، تقدر توازن وتنجح وتحقق طموحك، حتى من بيتك.

الدراسة عن بُعد فتحت لي باب ما كنت أتخيله. علمتني كيف أكون أفضل نسخة من نفسي. وأنا واثق إنك تقدر تسوي نفس الشيء، ويمكن أفضل.

الخطوة الأولى تبدأ بقرارك.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *